هل يجوز إجبار القاضي على القضاء؟ وما حكم سؤال القضاء؟
هل للإمام إجبار شخص على القضاء أم لا؟ فيه وجهان: أحدهما لا يجبر؛ لأنه فرض على الكفاية، فلو أجبر عليه لتعين عليه، والثاني يجبره؛ لأنه لابدّ من قاض للمسلمين.
وهذا الوجه لا يصحّ؛ لأن الإمام نُصب للحكم بين المسلمين، فالفرضُ يتوجه عليه، فلا يجوز له إجبارُ غيره عليه وإسقاطُ فرضه عن نفسه.
وذكر الخصاف حديث أنس : أن النبي قال: (مَن سأل القضاء وُكِل إلى نفسه، ومَن أجبر عليه وكل به ملَكٌ يسدّده) أخرجه الترمذي (3/6رقم 1323)، وابن ماجه (2/774رقم 2309) وضعفه الألباني. ومِن طريق آخر: (مَن طلب القضاء وطلب الشفعاء وُكِل إليه، ومَن أكره على القضاء وكّل به ملَك يسدّده) وإذ صح هذا الخبر جاز للرجل الدخول في القضاء بالإكراه، وكره له سؤال القضاء في كلّ حال.
وقد ذكر الخصاف عن الحسن (بن زياد اللؤلؤي) أن الله تعالى أخذ على الحكام ثلاثة: أن لا يتبعوا الهوى، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس، ولا يشتروا بآياته ثمنًا قليلاً؛ لقوله: {يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص:76] ، {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } [المائدة: 44]. انظر: روضة القضاة وطريق النجاة (1/84).