من تراثنا القضائي
قال علي بن أبي طالب : بعثني رسول الله قاضياً إلى اليمن، فقلتُ: يا رسول الله إنك تبعثني وأنا حديثُ السنِّ، ولا علم لي بالقضاء.
قال: انطلق فإن الله سيهدى قلبك، ويثبت لسانك.
قال عليٌّ : فما شككتُ في قضاء بين اثنين.
ومِن نماذج قضائه : أنّ قوماً باليمن حفروا هُوةً لأسد فسقط فيها!
وتجمع الناس ينظرون إليه، فسقط أحدهم فيها، فتعلق بالذي يليه، وتعلق آخر بآخر، فوقع فيها أربعة فجرحهم الأسد فضربه رجل برمح فقتله.
عندما أخرجوا الناس منها، كان بعضُهم قد مات ومنهم مَن جرح ثم مات أيضاً. فقالت قبائل الثلاثة لقبيلة الأول: هاتوا ديةَ الثلاثة؛ فإنه لولا صاحبكم لما سقطوا!
قالوا: إنما تعلق صاحبنا بواحد، فنحن ندفع ديته فقط.
فاختلفوا حتى كادوا يقتتلون. هنا يتدخل الإمام عليٌّ ، فيأمرهم أن يجمعوا دية تامة، ونصف دية، وثلث دية، وربع دية!
وقضى أن يعطى الأسفل ربع الدية؛ لأنه هلك فوقه ثلاثة، ويعطى الذي يليه الثلث؛ من أجل أنه هلك فوقه اثنان، ويعطى الذي يليه النصف؛ لأنه هلك فوقه واحد، ويعطى الأعلى الذي لم يهلك فوقه أحدٌ الديةَ.
فمنهم مَن رضي، ومنهم مَن كره، فقال لهم عليٌّ : تمسكوا بقضائي حتى تأتوا رَسُوْلُ اللهِ فيقضي بينكم. فساروا إليه، فحدثوه بحديثهم، فأجاز رسول الله حكمه، كما قضى به. [أخبار القضاة لوكيع (1/97) ] .