شرف رتبة القضاء
القضاء رتبةٌ شريفة، ومنزلة رفيعة لا منزلة فوقها مِن المنازل، ولا رتبةَ أوفى منها إذا اجتمعت شرائطُها وحصل في القاضي ما يفتقر إليه مِن الخصال، لأنها التي تولاها الله تعالى بنفسه، وبعث بها رسله عليهم السلام، وتولاها رسوله ، وقام بها أئمة العدل بعده، فينبغي لمن يملك الولاية أن يختار لهذه الرتبة من لا يقدر على أصلح منه ولا أفضل، ولا أكمل، كما اختار الله تعالى لرسالته صفوة كلِّ عالَم، ورئيس كل جيل وأفضل أهلِ كلِّ زمان، كما قال تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}، وقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} سورة الأنعام: 124، وقال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} سورة الحج: 75. وقال: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}، سورة الأنعام: 95. وقال: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} سورة ص: 47،46، وقال: {وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ} سورة ص: 48.
فلا ينبغي أن يختار إلا مَن يغلب على الظن أنه أوفى مختار، وأكمل إنسان.
روضة القضاة للسمناني 1/51.