انتهاء ولاية القاضي وأسبابها
هناك طرق وأسباب عديدة يفقد بها القاضي ولايته ويخرج من القضاء، وأهمها:
1 / عزل القاضي من قبل الإمام أو نائبه:
إذا وجد الإمام أفضل منه أو ظهر عجزه وعدم كفاءته، أو أقر بأنه حكم بجور متعمداً أو ثبت عليه ذلك بالبينة.
فقد عزل عمر بن الخطاب شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنهما- عن القضاء فقال له شرحبيل: عن سَخْطَة نزعتني؟ قال: لا، ولكنا رأينا مَن هو أقوى منك، فتحرّجنا من الله أن نقرّك وقد رأينا من هو أقوى منك، فقال له شرحبيل: فأعذرني، فقام عمر على المنبر فقال: كنا استعملنا شرحبيل بن حسنة ثم نزعناه من غير سَخْطَة وجدتُها عليه، ولكنا رأينا مَن هو أقوى منه، فنظر عمرُ من العشي إلى الناس وهم يلوذون العامل الذي استعمل، وشرحبيل يجيء وحده، فقال عمر: ما الدنيا؟ فإنها لَكاع.
2 / فسق القاضي:
إذا ارتكب القاضي بعض المعاصي المستوجبة للفسق كشرب الخمر أو غيره من الكبائر فإنه ينعزل بذلك.
قال ابن قدامة: (فأما إن تغيرت حال القاضي بفسق أو زوال عقل أو مرض يمنعه من القضاء أو اختل فيه بعض شروطه فإنه ينعزل بذلك، ويتعين على الإمام عزله وجهاً واحداً).
3 / الردة:
لأنّ الإسلام شرط في صحة ولاية القاضي، وشرط في استمرارها، وعلى هذا فلو ارتد قاض عن الإسلام فإن ولايته للقضاء باطلة مِن تلك اللحظة التي ارتد فيها.
4/ الجنون والسفه:
وبعبارة أدق فقدان أهلية التكليف فإذا فقد القاضي هذه الأهلية لم يعد صالحاً للقضاء وبالتالي فإنه ينعزل.
5 / فقدان السمع أو البصر أو النطق:
فقد ذهب الجمهور إلى أن القاضي إذا أصيب بالصمم أو العمى أو الخرس فإنه يخرج من ولاية القضاء.
والمراد بهذا سلامة الحواس والتي هي: السمع والبصر والكلام : وهذا الشرط شرط جواز وصحة عند جمهور العلماء، فلا تجوز تولية الأصم؛ لأنه لا يسمع كلام الخصمين.
ولا تجوز تولية الأعمى؛ لأنه لا يعرف المدعي مِن المدعى عليه، ولا المقِرّ من المقَرّ له ، ولا الشاهد مِن المشهود له أو عليه.
ولا تجوز تولية الأخرس؛ لأنه لا يمكنه النطق بالحكم، ولا يفهم جميع الناس إشارته.
أما سلامة باقي الأعضاء فهي إنما تعتبر استحباباً لا لزوماً؛ لأن السلامة مِن الآفات أهيب لذوي الولاية ، والهيبة هنا مستحبة لا مستحقة، ومِن ثَمّ فلا مانع مِن أن يكون القاضي مقعداً أو أقطع أو أعرج ، ومثل هذا يقال في شأن ضعيف النطق أو السمع أو البصر؛ لعدم فوات المقصود مِن ولاية القضاء .
6 / المرض المعجز:
فإذا أصيب القاضي بمرض أقعده عن الحركة والنهوض وأعجزه عن القيام بعمله، ولم يرج شفاؤه فإنه ينعزل.
7 / انتهاء مدة ولايته واختصاصه:
فإذا عين الإمامُ رجلاً على القضاء مدة سنة فإن ولايته للقضاء تنتهي بانتهاء السنة، وكذلك إذا كلفه الإمام بالنظر في قضية أو مجموعة قضايا محدودة فإنه بمجرد الفراغ من النظر في تلك القضايا تكون قد انتهت ولايته.
8 / استقالة القاضي من القضاء:
إذا استقال القاضي من وظيفته وقبل الإمام استقالته، فإنه تنتهي ولايته بذلك.
9 / الموت:
لأنه مبطل لأهلية التصرف وبالتالي تنتهي ولاية القاضي بمجرد موته.