للأستاذ الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد
من قضاة الإسلام: إياس بن معاوية
كان إياس مع مشاركته لأهل عصره في العلم يختص عنهم بفهم الواقعِ والاستدلالِ بالأمارات وشواهدِ الحال، وقد أثنى الإمام ابن القيم في الطرق الحكمية على فهم إياسٍ فقال: وهذا الذي فات كثيراً من الحكام فأضاعوا كثيراً من الحقوق.
واستدل على أن القضاء فهمٌ بقوله تعالى:﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وعلماً﴾ [الأنبياء: 78-79] فخص الله سليمان بفهم القضية وعمهما بالعلم.
وقد سأل رجل إياس بن معاوية أن يعلمَه القضاء، فقال له: إنّ القضاء لا يعلَّم، إنما القضاءُ فهم، ولكنْ قُلْ علِّمْني العلم.
وقد أصاب إياس رحمه الله، فالعلم يمكن تحصيله، ولكن الفهم هو قدرة القاضي على فقه الواقع وأحوال الناس، تمييز الصادق من الكاذب، والمحق من المبطل وإنزال حكم الشرع على حقيقة الواقع.
• ومن فهم القضاء أيضاً ألا يتأثر القاضي بشائعات الناس وأقوالهم حول القضية المطروحة أمامه، أو بما تنشره الصحف والمجلات، أو تبثه الإذاعة أو يعرضه التليفزيون في عصرنا.
وقد نصح إياس غيره من القضاة فقال له: إياك وما يتتبع الناس من الكلام وعليك بما تعرفه من القضاء.